في يوم من الأيام - رحلتي مع ألمانيا 3



تحياتي إليكم معشر القراء الأكارم،

كانت مسيرة التعلم والتزود ترتقي بهدوء وثبات لا ينافسه أي شاغل البتة، أحسست بارتفاع في لياقتي اللغوية حيث ازدادت حصيلتي في الكلمات وباتت صياغة الجمل بشكل صحيح أسهل والتمكن من التعبير عما أريد قوله من خلال ألمانية بسيطة ومفهومة أكثر صلابة؛ لم يكن يضايقني إطلاقاً وجود الأخطاء في كلامي وكتابتي؛ فهناك من يصحح لي وهناك من أصحح له -رغم أنني وإياه كلانا A1-...وكذلك لأنني في هذا الشأن وبين العربان كمثل الأعور في بلد العميان 😊، كنت فخوراً جداً جداً بما لدي لدرجة أنني أحضرت مرة قاموسي اللغوي وعرضته على صديق عالمٍ بشغفي في مقهى بهي، وأردت أن يختبرني ويقيس ما لدي؛ فرماني بنظرة الانبهار من توسع اطلاعي؛ فرددتها عليه بنظرة الواثق المنتصر والحازم المتبصر، لكن بقي في القلب طمع وشغف وظلت مسألة تجربة ما تعلمته على أرض الواقع الحقيقي بدون إضافات تراودني ولا أستطيع الفكاك منها، لكن كيف وأين...كل ذلك كان يسير ضمن مشروع بالغ السرية، كنت أمثل في ذلك مع نفسي دور طريف الذي أرسله موسى بن نصير لاستكشاف طبيعة الأندلس، وقد كان لي في ذلك ما أردت.

كنت أواصل البحث عما إذا كان يوجد أي معهد أو مركز لغة ألماني قريب من عندي ويمكنني من خلاله زيادة حصيلتي وإن أمكن كذلك الحصول على شهادة تثبت مستواي الحقيقي، كانت عدة (خيارت وطماطميات) تتطاير يمنة ويسرة في ذهني وظلت لأسابيع قيد الدراسة التحليل، حتى جاء مارس 2010 وأطلت فرصة مواتية برأسها لأقطفها يانعة؛ حيث قررت شركتنا توزيع راتبين شهريين على موظفيها تجاوباً مع منح من الملك عبدالله آنذاك للموظفين المدنيين والعسكريين، انتهزت هذه الفرصة بسرعة وجعلت أحد الرواتب الشهرية في البنك والآخر في دورة لغوية في ألمانيا، إممم يا أبا مجحد؛ ما هي الدورات المناسبة في ألمانيا وكم مدتها وإلى أي مدينة تريد أن تسافر...؟، تجولت في أكثر من معهد ثم قررت أن أدخل معهد غوته وأرى ما يعرضه من دورات مع مميزاتها وأماكنها، استقر الأمر على اختيار دورة مكثفة لمدة أسبوعين فيه  في مدينة ميونخ، فقد كان موعد الدورة في آواخر مايو 2010، قررت أن أبيت فترة الدورة في سكن الطلبة الذي يتيحه المعهد ب 20 يورو في لكل ليلة، معهد غوته كان وما زال مرتفع الكلفة وقليل الفائدة مقابل ذلك، تجربة فيها الخطأ والصواب لكنها كانت تجربة لا تنسى بكل تفاصيلها. كنت أقول لمن حولي من أقارب وأصدقاء أنها رحلة عمل دون خوض في التفاصيل. 😊

حجزت رحلة الطائرة مع مصر للطيران -خيار بائس- بحيث أتوقف في إسطنبول يومي الجمعة السبت واستأنف السفر يوم الأحد، الهدف وكان زيارة أخي الحبيب عبدالله طه الذي تعرفت عليه سابقاً في المسجد النبوي في ليلة ٢٧ من رمضان؛ والذي أصر بكل حفاوة وكرم أن أبيت حيث يريد وألا أدفع قرشاً واحداً مقابل ذلك؛ وكان يرافقني في أغلب تنقلاتي -حفظه المولى وبارك فيه وفي أسرته-، تذمر والدي عندما قلت له أنني في إسطنبول وكان يحسب أنني سأكون في ألمانيا لكني أوضحت له الأمر وسر بذلك التخطيط لاحقاً، من عجيب الأقدار حقيقة أن أتوقف في إسطنبول كمحطة حدودية قبل أن أغادر الشرق وأقفز إلى الغرب؛ ففي إسطنبول تلتقي قارة آسيا بأروبا في وئام والتحام عجيبين؛ فتجد أحياء تعج بالملتحين والمحجبات وتغمرها الرحمة والبركات؛ وأحياء يضيق فيها النفس ويتلوث فيها الخاطر لأن التسلخ الديني والاجتماعي فيها ليس خاف بل جد ظاهر! سأفرد بإذن الله لرحلة أسطنبول تدوينة تستحق أن تتفرد فيها لجمالها الأخاذ ولسفورها الساحر وسكانا المضيافين، لذلك لن أطيل المقام فيها وأنقلكم إلى يوم الأحد 30 مايو 2010 في مطار ميونخ الدولي.

كانت السماء الملبدة بالغيوم قاتمة والجو البارد الذي لم يحاك وهج الشمس الذي أتيت منه قبل عدة أيام، كانت عيناي تمسحان المنطقة والبيوت ونهر إزار من فوق وبشعور خوف لأول خروج لي من بيئتي بالمعنى الحقيقي لأنني لم أقم برحلة لوحدي بهذا الشكل المستقل كلياً من قبل ولم يكن لدي أي صديق أو جهة اتصال شخصية أرجع إليه، أحسنت ألمانيتي وعيناي الجاحظتان من هول الصدمة أن تعيناني على قراءة اللوحات دون الرجوع إلى المقابل الإنجليزي، دخلت من بوابة الجوازات فومضت فرحة ساطعة في عيني، استلمت حقيبتي ووجدت رمز S المشير إلى قطار الضواحي وعرفته خلال التعلم مسبقاً واشتريت تذكرة من الآلة بعد وقت طويل من البحث والتنقل بين الألمانية والإنجليزية...،وكان الشك يساورني بقوة في أنني قطعت التذكرة الصحيحة أم لا، أدخلت التذكرة في آلة الختم على التذاكر، خطوة بسيطة عندي الآن لكنها كانت عندي بمثابة فتوحات ربانية آنذاك حيث كيف لي أن أعرف شيئاً مثل هذا وعلى بعد آلاف الكيلات من خلال التعلم الذاتي، مشاعر كانت متضاربة بشكل رهيب وربما ما منعني من سجود الشكر وقتها أن الكثيربن ينتظرون القطار والذي بقي دقيقة على وصوله.

ركبت قطار S وبعد دقيقة كذلك شق السكون المهيب صوت المفتش الهادر فانخلع قلبي من نياطه وبدا لي كجنرال أو أدميرال يحمل عصاه، أخرجت البطاقة وبعرق يتصبب وبعينان زائغتان ولسان جاف...، رآها بسرعة وأرجعها لي مرفقة بكلمة Danke وأكمل عمله، رقمت من كان يجلس أمامي وأنا أقول في قلبي المتعب: رباه، لقد نجوت!، لم أقرأ أي كتاب وأي شيء أحضرت معي بل ولم أخلع معطفي الذي تبلل من العرق -وليتني تركته في المنزل فلم ينفعني بشيء- ولم أنزل حقيبتي من يدي..، كان شعوراً يوازي الخروج من منطقة حرب مشتعلة أو أسر، وكان الوجوم والتعجب التطلع إلى كل ما حولي في القطار وخارجه وفوقي وتحتي والتلهف لما هو قادم من أيام ممسكاُ بكل مراكز السيطرة في إدراكي وخيالي، وبدون سابق تخطيط قررت أن أتوقف في محطة ما قبل الوصول إلى منطقة السكن القريبة في Hirschgarten لشرب شيء من الماء، اخترت احدى المحطات ونزلت منها، لم أكن أعلم أن المحطة التي توقفت فيها صفعت وجداني وشلت أركاني بما يشبه السحر ، لقد توقفت في: ساحة العذراء أو ما يسمى بالألمانية Marienplatz قبيل الساعة الثالثة، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن ذلك المنظر المهيب والساحة ممتلئة بالسياح والكل يتابع عقارب الساعة الشهيرة...ذاك كان أول ما شاهدته في ألمانيا على الطبيعة، لقد أثر ذلك علي ورسم صورة براقة وزائفة بشكل كبير عن ألمانيا  تأثرت بها طويلاً...

صورت بالفيديو دقات الساعة وخروج الدمى، اشتريت فطيرة التفاح Apfelstrudel وقدحاً من القهوة ، كان طعم استعمال اللغة يمتزج مع شرائح التفاح الذائب والقهوة المحلاة ويتخلل شراييني المنقبضة وقلبي النابض بأحاسيس لا توصف من النشوة والابتهاج، تمشيت قليلاً وصورت المباني التي كنت قد رأيتها ويكيبيدياً -وما كان السلفي وقتها معروفاً- وسمعت الأصوات التي لطالما سمعتها من النت والسيديهات ثم صارت تشنف أذناي جسدياً، حان وقت المغادرة وأكملت الطريق إلى غابة الوعول ومكان النوم للوصول، كان هناك من ينتظرني فقط ليسلمني مفتاح الغرفة ويعود ركضاً إلى بيته، وجدت هناك أنواعاً من بشر ونبات وحيوان وأنظمة...لم أعهدها من قبل -وصارت تلازم ناظري الآن منذ أزل-، وضعت أغراضي في الغرفة وافضت على جسدي ماءً لم أجد قط مثله برودة وعذوبة، عرفت لاحقاُ وأنا القادم من بلاد بعيدة أن الأحد يوم عطلة تغلق فيه الدكاكين فيتمشى الناس في الحدائق والميادين! كنت في غاية التعب وأردت النوم لكن نور شمس مايو لم يخفت كما تحسب ساعتي الداخلية، لم أكن أعلم إلى أين أذهب وماذا أعمل ومن أسأل ولمن أشكو وكيف أبكي....، كنت غايتي أن يرتاح الجسد حتى تبزغ شمس الغد فأذهب إلى المعهد.
وبت طاوي البطن ساهد الجفن، وأضحى ذلك كله الآن حكاية من حكايات الزمن.
يلومونني في جمال العربية وروعة بيانها. 😊

نمت ما تيسر لي واستيقظت يوم الإثنين، وذهبت -على لحم بطني كما نقول- إلى المعهد واستبشرت بوجود من يبيع الكرواسون في محطة القطار، ذابت قطع الكرواسونة سريعاً وكأنها استقرت في حوض من الحمض مركز، أتيت إلى المعهد في وقت مناسب حسبما أذكر ودلوني إلى الفصل الدراسي، كنا خمسة أشخاص في القاعة (أنا وفرنسي وإيطالي وإيطالية وإندونيسي)، جائتنا المعلمة (يوتا) ووزعت المناهج علينا وبدأت الدرس بشكل سهل ومليء بالمرح؛ فقد كان كل واحد مثلاً يمسك بالكرة ثم يعرف بالألمانية عن نفسه قليلاً ويعطي الكرة للمقابل، تمارين الاستماع والقراءة كانت سهلة كذلك... لم أحس بالبهجة لهذا الدلال الزائد، كانت قاعة المطالعة وتصفح الإنترنت مبهرة، دورات المياه بأزرار وبدون ماء كانت تحدياً ثقافياً جديداً علي، جاءتنا بعدها المعلمة (بيتينا) وكانت معلمة متمرسة وواعية ومتساعدة واستفدت منها أكثر من يوتا...لكن أثار انتباهي تصرفاتها الغربية والتي كنت أضعها في سلة قلة الحياء مثل جيب البلوزة الذي يصف نصف الصدر وتعمد الانحناء بشكل مستفز والضحك العالي جداً.... ببساطة لم أر مثل ذلك من قبل، انتهى اليوم الدراسي الأول وقيل لنا أن غداً إجازة بمناسبة عيد العنصرة (Pfingsten)، ما هذا؟ من أين خرج هذا العيد وهذه العطلة...؟ لم أكن قد خططت لذلك مطلقاً وإذا أردت الحقيقة المرة فالرحلة تقريباً كلها مرت دون تخطيط يذكر.

لم يدر في خلدي أن أشتري مظلة للمطر فقد كنت أتوقع أنه في فصل الصيف لا تسقط أمطار – كما عشت على ذلك طويلاُ-، في أثناء رجوعي للغرفة هطل المطر كأفواه القرب علينا وصرت أركض لأجد مستظلاً ولم يكن ذلك سهلة في المدينة القديمة، لمحت محلاً لبيع المعاطف فركضت إليه مسرعاً:

-         طاب نهارك يا سيدي، أريد شراء أرخص معطف.
-         مرحباً وطاب نهارك، في الحقيقة يا بني هذا ليس محلاً مخصصاً للمعاطف العادية، فكل ما تراه هنا هي معاطف من جلود أصلية ومحاكة يدوياً، إذا أردت أرخص ما عندي فعلاً فهو هذا المعطف ب 1500 يورو.
-         انقطع الخط.

قفلت راجعاً إلى الغرفة وأنا أجرجر القميص والبنطال المبللين؛ فالمطر قد استمر طويلاً ولا جدوى من طول الإنتظار تحت مظلة أحد المحلات... الجميع كان ينظر إلي بعين الاستغراب والشفقة، وصلت وغيرت ملابسي وذهبت مشياً إلى السوبرماركت القريبة، أردت شراء عدة أشياء ومعكرونة للعشاء، لم أكن أعلم وقتها أن الأكياس تشترى وتوضع مع الأغراض وسببت بعض الربكة، جاء المساء وحان امتحان الطبخ؛ ولم أكن قد أعددت أو طبخت قبل ذلك اليوم شيئاً يذكر في عالم الطبخ، لم أفهم طريقة إعداد المعكرونة من المغلف ولم أسأل أمي من قبل كيفية إعدادها وإعداد صلصتها... أردت التجربة وأذكر أنني سلقتها قليلاً في الماء ثم وضعتها في الصحن دون أي شيء معها -حتى الملح-، ما أفرزته تلك الدقائق أمام الفرن هي معكرونة يابسة بدون أي نكهة وتوجع منها بطني طيلة المساء، أردت أن أغسل ملابسي -ولم أفعل ذلك من قبل بنفسي- أنتبهت أنه يجب أن أشتري مسحوق الغسيل!، كان الشيء الذي استمعت به ذاك المساء -ولا أزال استمتع به- هو الإصرار الغير مبرر على التحدث مع المقابل بالألمانية -وخصوصاً الأمريكان- وإن كان لا يعلمها وأنا أعلم الإنجليزية، أستمتع بسماع التمتمات واحمرار الوجه معها (آاا بااه إشش كاان دووو...) وكانت تغمرني مشاعر الانتصار وأنا ابن A1، من الجيد وقتها أنه لم معي يكن أحد يعرفني ليستغرق بالضحك ولكن جاء الوقت الآن لتستمتعوا بسردي ونضحك سوية.

مر يوم الثلاثاء كئيباً لا يوجد فيه أي خطة، الأمريكان الذي كنت قد تبجحت عليهم بألمانيتي قد استمتعوا بوقتهم وسافروا إلى زالسبورغ القريبة وأنا بقيت لوحدي في ميونخ بدون خطة ولا انترنت جيد يساعد على إنجازها ولا صديق يمكن سؤاله...، لا أذكر أنني فعلت شيئاً سوى جولة في الحديقة المجاورة وربما في جولة في وسط المدينة.

سارت أيام الدورة رويداً رويداً وكنت أذهب مع بعض الزملاء لتناول الغداء في المطعم القريب أثناء الاستراحة، في أحد المرات طلبت بيتينا أن يذكر لها كل واحد قدوته في الحياة (Vorbild)، كان سؤالاً مفاجئاً، والأكثر مفاجأة أن القدوات لدى كل واحد هي إما مغنٍ أو نجم عالمي لم أسمع به مسبقاً – فأنا تربية حلقات! – ، وقعت في حيرة فلم استطع الكذب وذكر أحد المغنين ممن لا أعرف أي أغنية له ولم يسعني الوقت في اختيار قدوة ما يمكنهم فهم مغزى اقتدائي بها، اخترت على عجل عبدالرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية في الأندلس، أصيب الجميع بالوجوم عندما علموا أنه قائد عسكري، أخبرتني بيتينا على انفراد أنها تتفهم جوابي بشكل تام لكنه غير مناسب في هذه البيئة ومن شخص قادم من المملكة العربية السعودية...! كان حدثاً بسيطاً ولكن ذا أثرٍ كبير.

كان التنقل بالوسائل العامة لأول مرة مغامرة من نوع خاص آنذاك، ذهبت لأول مرة إلى المسجد التركي لأداء صلاة العشاء بناءً على التوقيت ولم يدر بخلدي أنهم يتبعون توقيتاً مختلفاً فوصلت وقد أغلقوا للتو المسجد ولم يتفهموا رجائي أن أصلي فيه لدقائق معدودة، أردت الرجوع وكنت أحسب أن كل الخطوط توصلني إلى محطتي المرادة، أخذت جولة مجنونة في كل الاتجاهات ومرة أنزل ثم أصعد وهكذا دواليك حتى داخ رأسي، أخذت سيارة أجرة، استغرب بعدي من المكان المراد وكوني قريباً من محطة المترو؛ فأخبرته أنني من السعودية ووو... وووالحمد لله على كل حال 😊.

طلبت منا بيتينا أيضاً أن يعد كل واحد عرضاً لدقائق بسيطة عن أي موضوع، عملت عرضاً بسيطاً عن مدينة آخن  استناداً على البودكاست والويكيبيديا وكان العرض أمام يوتا لكني أرسلت الأوراق إلى بيتينا بالإيميل مبتدأً بالقول:
. …Hallo liebe Bettina
ليست صياغة سيئة لواحد مستجد في اللغة يومها، لكنها جعلتني أبتسم عند أراها بعد ثمان سنوات من إرسالها.

كانت بيتينا فخورة بما أنجزت وأعطتني حافزاً معنوياً كبيراً خلال الدورة من أجل مواصلة التعلم لاحقاً، أتمنى أن أعرض عليها ألمانيتي الآن لكن ليس مع تلك الملابس الخليعة. 

زرت متحف ميونخ التقني ومتحف BMW وسافرت إلى الريف البافاري وزرت البيوت القديمة شاهدنا الرقص البافاري ومررنا بـ Starnberger See حيث غرق الملك لودفيغ الثاني آخر ملوك بافاريا...، زرنا كذلك قصر نوي شفان شتاين المهيب والفائق الجمال من الداخل والخارج، لا يزال منظر ذلك القصر والسرير المذهب للملك قاعة العرش وصورتي الشخصية له تحتل مكاناً مميزاً جداً في قلبي وذاكرتي.




تركزت المتعة الحقيقية في الرحلة بأنني فعلت شيئاً -لأول مرة حينها- من صميم اقتناعي وخالص تصميمي وتخطيطي وصنعي، لم يشاركني أحد البتة في المساعدة والنصيحة كما اعتاد أغلب أفراد مجتمعنا عند القيام بما استجد عليه... تحملت كل شيء واستفدت بشكل رائع من الخسارة والربح.

مما يجدر ذكره من بين الكثير من الأحداث والأماكن والشخصيات التي تحادثت معها أن كل من عرف أنني من السعودية من العرب وقتها كان يغمرني بالاحترام والتقدير وقتها وربما أراد مني مساعدة مالية، لم يعد الجميع الآن ينظر بعين الرضا عند سماع اسم "المملكة العربية السعودية".

فعلاً آلمتني أضلعي وغرقت في وصلات الضحك متتالية وأنا أكتب كل فقرة وأتذكر تلك الأيام الخوالي ههههههههههه، لم يسعفني الوقت لوضع بعض ما التقطت من صور وفيديوهات محفوظة من تلك الرحلة الممتعة؛ لكني أرجو أن صورة القصر البهية وكلماتي ورواياتي الصادقة بحلوها ومرها قد صنعت الضحك والبسمة على شفاهكم، وإلى حلقة قريبة وأنا وأنتم جميعاً بخير.


Kommentare